عراق كوير
  • الصفحة الرئيسية

ان تكونوا غير ثنائيين جندريا في العراق: هوية تحت الحصار

4/17/2025

2 Comments

 
Picture
​في مجتمع ما يزال يتعامل مع الجندر باعتباره ثنائية مغلقة: "رجل" أو "امرأة"، يصبح الوجود خارج هذه المنظومة بمثابة فعل تمرد غير مُعلن. الأشخاص غير الثنائيين جندريًا — وهم أولئك الذين لا تنحصر هويتهم الجندرية ضمن التصنيفين التقليديين — يعيشون في العراق بين عالمين، دون اعتراف قانوني، ولا حماية اجتماعية، ولا تمثيل حقيقي في الخطاب العام.
بالنسبة للكثير من الأشخاص غير الثنائيين، لا تبدأ معاناتهم في الفضاء العام، بل في المساحات الخاصة. العائلة — التي من المفترض أن تكون مصدر الأمان — قد تصبح مصدر الضغط الأول، إذ يُتوقّع من الفرد أن "يؤدي" جندره وفقًا لمعايير صارمة تبدأ باللباس، وتمتد إلى طريقة الكلام، الأصدقاء، الطموحات، وحتى الحلم بالمستقبل. من لا يلتزم بهذه المعايير، يُقابل بالتوبيخ، أو العنف، أو التهديد بالنبذ، أو محاولات "تصحيح" الهوية عبر الدين أو الطب أو القوة.
كما ان المؤسسات العراقية، سواء كانت تعليمية، طبية، قانونية، أو دينية، تتعامل مع الجندر على أساس بيولوجي وثنائي. لا توجد خيارات رسمية تعترف بالهويات غير الثنائية، ما يخلق فجوة قانونية وإنسانية تضع الأشخاص غير الثنائيين في مواقف هشّة. الوثائق الرسمية لا تعكس هويتهم، وقد يضطرون للكذب بشأن أنفسهم كي يحصلوا على خدمات أساسية مثل التعليم، الرعاية الصحية، أو حتى التوظيف. في بعض الحالات، يؤدي هذا الانفصال بين الهوية الذاتية والهوية القانونية إلى أزمات نفسية حادة، لا سيما في ظل غياب دعم مجتمعي أو متخصصين قادرين على تقديم مساعدة حساسة لجندرهم.
وتُشير شهادات عديدة إلى تعرّض الأشخاص غير الثنائيين للعنف اللفظي والجسدي، سواء في الشارع أو في المؤسسات أو حتى على أيدي أفراد العائلة. وفي ظل غياب الاعتراف القانوني، نادرًا ما يُحاسَب المعتدون. بل إن الإبلاغ عن العنف قد يتحوّل إلى تجربة أكثر عنفًا، حيث يُساء التعامل مع الضحية، ويُعاد انتهاكها نفسيًا أو جسديًا من قِبل السلطات نفسها. هذا الصمت القسري يخلق شعورًا بالانعزال، ويعمّق من حالة الخوف وانعدام الأمان.
فحتى داخل بعض الدوائر النسوية أو الحقوقية في العراق، يُنظر أحيانًا إلى غير الثنائيين باعتبارهم "مشتتين" أو "غامضين"، ويُطلب منهم توضيح أنفسهم مرارًا وتكرارًا، وكأن حقهم في الوجود مرتبط بمدى قدرتهم على شرح أنفسهم ضمن خطاب مهيمن لا يعترف إلا بالثنائيات. في حين أن الهوية الجندرية يجب أن تُؤخذ كما هي: حقيقة شخصية لا تحتاج إلى تبرير.
ورغم كل هذا، لا يمكن الحديث عن الأشخاص غير الثنائيين فقط من موقع "الضحية". فهم أيضًا أصوات تُعيد تشكيل الخطاب الجندري والثقافي، وتُسائل الثوابت، وتفتح أفقًا جديدًا للتفكير في معنى الحرية والذات. كثيرون منهم يعبّرون عن أنفسهم من خلال الفن، الشعر، الموسيقى، أو حتى عبر منصات التواصل الاجتماعي، رغم القيود والخطر. في هذه المساحات، تنبض المقاومة، ويتحوّل الجسد إلى ساحة للنضال، والصوت إلى وسيلة للبقاء، والوجود ذاته إلى فعل مقاوم.
وفي النهاية فإن دعم الأشخاص غير الثنائيين لا يجب أن يقتصر على التضامن الرمزي، بل يتطلب مراجعة عميقة للبنية الاجتماعية والقانونية والثقافية التي تقمع كل ما لا يُطابق معاييرها. التضامن الحقيقي يبدأ بالاستماع، والتثقيف الذاتي، واستخدام اللغة الشاملة، والدفاع عن حق الآخرين في أن يكونوا ذواتهم، دون خوف أو خجل أو اضطرار للتفسير.
أن تكون غير ثنائي/ة في العراق هو تحدٍ كبير — لكنه أيضًا شهادة حية على قوة الإنسان في مقاومة محاولات المسح والإنكار. هؤلاء الأشخاص موجودون، حقيقيون، ويستحقون الاعتراف، الحماية، والمساحة.
2 Comments

الزواج القسري لافراد مجتمع الميم عين في العراق

3/26/2025

0 Comments

 
Picture
في المجتمعات التقليدية، مثل المجتمع العراقي، يُعتبر الزواج من أهم الطقوس الاجتماعية التي تضمن استمرارية النسل وتقوية الروابط الأسرية والمجتمعية. يحدد هذا المفهوم الجندري للأفراد، حيث يُتوقع من الرجل والمرأة أن يتزوجا من شخص آخر من الجنس المختلف ليشكلوا أسرة نموذجية. لكن هل هذا المفهوم التقليدي من الزواج ينسجم مع الواقع المتنوع للجندر، خاصة في ظل وجود مجتمع الميم عين؟ كيف يمكن أن يعكس الزواج العراقي التقليدي ظلمًا كبيرًا لأولئك الذين لا يتماهون مع هذه الأطر التقليدية؟ وهل يمكن أن يحدث تغيير في هذه المنظومة لتخفيف الضغط الاجتماعي الذي يفرضه الزواج التقليدي على الأفراد؟ هذا ما سنتناوله في هذا المقال.
الزواج التقليدي: قيود اجتماعية جائرة على مجتمع الميم عين
في العراق، كما في العديد من البلدان ذات الثقافة التقليدية، يُعتبر الزواج بين رجل وامرأة هو النموذج السائد والمقبول اجتماعيًا ودينيًا. يُشدد على أن الزواج هو تكامل بين الجنسين وفقًا لأدوار اجتماعية محددة، حيث يتعين على الرجل أن يكون "الرب العائلة" بينما يُتوقع من المرأة أن تُؤدي دور الزوجة والأم. في هذا السياق، يُجبر أفراد مجتمع الميم عين، الذين لا يتماهون مع هذا التصور التقليدي للجنسين، على الزواج من شخص مغاير جندريًا رغم عدم تناسبهم مع هذا الدور الاجتماعي.
هذه المنظومة تضع ضغطًا هائلًا على أفراد المجتمع الذين ينتمون إلى مجتمع الميم عين، حيث يُفرض عليهم تكوين علاقة يتطلب فيها الزواج التقليدي التوافق مع هوياتهم الجندرية غير المتوافقة مع تلك المعايير المجتمعية. وهذا يؤدي إلى معاناة نفسية وعاطفية شديدة، حيث يضطر الأفراد إلى العيش في علاقة لا تعكس هويتهم الجندرية الحقيقية، مما يسبب في النهاية إحساسًا بالظلم تجاه أنفسهم وكذلك تجاه الشخص الآخر الذي يشاركهم هذه العلاقة.
ظلم الذات والشريك الآخر: عواقب الزواج القسري لمجتمع الميم عين
أحد أكبر الأضرار التي تنجم عن الضغط الاجتماعي والشرعي على أفراد مجتمع الميم عين في العراق للزواج من شخص مغاير جندريًا هو الظلم الذي يقع على الجميع: أولاً على الشخص نفسه، وثانيًا على شريك الزواج.
1. ظلم الفرد ذاته
الشخص الذي ينتمي إلى مجتمع الميم عين ويُجبر على الزواج بشخص من الجنس الآخر ليكون مقبولًا اجتماعيًا قد يعيش في حالة من الازدواجية العاطفية والجندرية. هذا الشخص يُجبر على التوافق مع دور "الزوج" أو "الزوجة" دون أن يكون هذا الدور طبيعيًا أو مريحًا له. هذا يؤدي إلى تراكم المشاعر السلبية مثل القلق والاكتئاب، بل ويمكن أن يؤدي إلى الخوف من فقدان الهويات الذاتية تحت ضغط التوقعات المجتمعية.
2. ظلم الشخص الآخر
الظلم لا يقتصر على الأفراد من مجتمع الميم عين فقط، بل يشمل أيضًا شريك الزواج الذي يُجبر على الارتباط بشخص لا يشترك معه في نفس القيم أو الهوية الجندرية. هذه العلاقات غالبًا ما تكون غير متوازنة، حيث يفتقر كلا الطرفين إلى التواصل الصريح والصادق حول احتياجاتهم العاطفية والجنسية. وقد يؤدي ذلك إلى خيانة غير متعمدة أو انفصال عاطفي، حيث لا يكون هناك تناغم حقيقي بين الطرفين.
هل يمكن أن يحدث تغيير في منظومة الزواج التقليدي؟
قد يبدو من الصعب تغيير مفاهيم الزواج التقليدي في العراق بالنظر إلى التاريخ الطويل من التقاليد والعادات الراسخة التي تحكم العلاقات الاجتماعية. ولكن مع تطور الوعي الاجتماعي والزيادة في الحوارات حول قضايا الجندر والمساواة، هناك فرصة حقيقية لإحداث تغيير تدريجي في هذه المنظومة.
أحد أولى الخطوات نحو التغيير هو نشر الوعي حول التنوع الجندري داخل المجتمع العراقي. هناك حاجة ملحة لفهم أن الجندر ليس مجرد ثنائية ثابتة بين الذكر والأنثى، بل هو طيف واسع يشمل أشخاصًا يتنقلون بين الهويات الجندرية المختلفة. التوعية والتعليم حول هذه المواضيع يمكن أن يساعد في تخفيف الضغط على الأفراد في مجتمع الميم عين الذين يُجبرون على الزواج وفقًا للمفاهيم التقليدية. 
وفيما يتعلق بالمفاهيم التقليدية للزواج، يمكن أن يكون هناك نقاش مجتمعي حول كيفية تعديل هذه المفاهيم ليكون الزواج مبني على رغبة الشخص وليس برغبة الاسرة او المجتمع، و ان لا يكون قسريا او اجبارا أو حتى تسهيل قبول العلاقات التي لا تتبع النمط التقليدي. بدلاً من التمسك بالزواج كأداة وحيدة لبناء الأسرة، يمكن التفكير في أنماط جديدة من الشراكة التي تعكس التنوع الاجتماعي والجندري.
كما إن تعزيز الدعم الأسري هو أحد العوامل التي يمكن أن تساعد في تخفيف الضغط على الأفراد من مجتمع الميم عين. إذا كانت العائلات والمجتمعات أكثر قبولًا لفكرة أن أولادهم يمكن أن يكون لهم هويات جندرية متنوعة، فسيكون من الأسهل عليهم اتخاذ قراراتهم في الحياة العاطفية دون الخوف من الرفض الاجتماعي. هذا الدعم سيعزز من قدرة الأفراد على اتخاذ قرارات حرة تتماشى مع هويتهم الشخصية.
خاتمة
في النهاية، يمكن القول إن التغيير في منظومة الزواج العراقي التقليدي يتطلب جهودًا مجتمعية كبيرة تشمل تغيير التصورات الاجتماعية حول الجندر والعلاقات. يجب أن نتفهم أن الزواج ليس بالضرورة أن يكون بين رجل وامرأة فقط، بل هو خيار يعكس الحق في الحب والقبول. وإذا تم القضاء على الضغط الاجتماعي والعائلي الذي يفرض على الأفراد من مجتمع الميم عين الزواج التقليدي، سنتمكن من بناء مجتمع أكثر قبولًا وتفهمًا، ويعيش فيه الجميع بسلام مع هويتهم الجندرية.

​
0 Comments

كيف يمكن للقطاع الصحي العراقي ان يدعم العابرين/ات

2/26/2025

0 Comments

 
Picture

Read More
0 Comments

الجنس الامن

10/6/2024

2 Comments

 
Picture

Read More
2 Comments

كيف يعيش الاشخاص اللاثنائيين/ات في العراق

7/21/2024

0 Comments

 
Picture

Read More
0 Comments
<<Previous
    أرشيف


    March 2025
    February 2025
    October 2024
    July 2024
    June 2024
    May 2024
    April 2024
    February 2024
    January 2024
    May 2023
    February 2023
    November 2022
    August 2022
    July 2022
    May 2022
    March 2022
    February 2022
    December 2021
    September 2021
    August 2021
    July 2021
    June 2021
    May 2021
    April 2021
    March 2021
    February 2021
    January 2021
    December 2020
    November 2020
    October 2020
    September 2020
    October 2018

    بلۆگەکە بە زمانی کوردی
    Blog in English
Picture
  • الصفحة الرئيسية