قبل أيام قليلة، نشرت جامعة الكوفة العراقية خبرعن إجراء كلية الهندسة فيها ندوة توعوية تحت عنوان "الاثر النفسي للمثلية الجنسية لدى الطالب في السلك الأكاديمي" كطريقة لتحذير الحاضرين من امهات واباء على ضرورة ابعاد بناتهم وأولادهم عن المواقع الالكترونية والتطبيقات والافلام الكرتونية التي تتضمن مواضيع المثلية الجنسية أو كما سميت ببعض أجزاء الخبر "بالشذوذ الجنسي" كوسيلة للمحافظة على اخلاقهم. الجدير بالذكر ان احد المتحدثين في الندوة وصف المثلية الجنسية على انها حرب ناعمة تستعمل ضد المجتمعات ولاسيما المسلمة منها. كيف يتعلم الأطفال والمراهقين في العراق عن المثلية الجنسية؟ من المهم الاشارة الى ان النظام التعليمي العراقي لا يملك اي مناهج تتحدث عن المثلية بصورة علمية وصريحة، فنحن لا نملك اي كتب مدرسية تطرح الموضوع وفي نفس الوقت لا نملك معلمات ومعلمين يتجاوبون بشكل سليم مع اسئلة طلابهم عن هذا الموضوع. اذا كيف يتعلم الاطفال والمراهقين عن المثلية؟ في أغلب الاحيان، يتعلم الأطفال والمراهقين عن المثلية أو كما يسميها البعض "بالشذوذ" من خلال تحذيرات الأمهات والآباء وتخويفهم منها فتتكون فكرة سلبية عن المثلية وعن الكلمة من الإساس. لهذا نرى ان بعض الأطفال والمراهقين بل وحتى بعض البالغين في العراق يستعملون كلمة "مثلي" كوسيلة للإساءة أو الانتقاص من بعضهم البعض للتعبيرعن وجود خلل أو علة. الوسيلة الاخرى التي يتعلم بها الاطفال والمراهقين عن المثلية تكون من خلال شاشات اجهزتهم فجميعنا يرى عدد الاطفال الذين لا تتجاوز اعمارهم الا سنوات قليلة وهم حاملين اجهزة الكترونية ومن خلالها يكونون قادرين على فتح مئات من الفديوهات والمواقع والحسابات والتي يحمل بعضها معلومات خاطئة عن مواضيع مثل الجنس والمثلية وغيرها. للاسف، اصبح الكثيرون يتعلمون عن الجنس من خلال المواقع الاباحية وعن المثلية من حسابات تشوه صورة مجتمع الميم-عين وتربط المثلية بشكل مباشر بالانحلال الاخلاقي. الكراهية التي يتعلم الاطفال حملها ضد المثلية والمثليين لن تختفي فهم سيكبرون وبداخلهم الرغبة للتعبير عنها متى ما سنحت لهم الفرصة. المشكلة ان بعضهم سينتهي بهم الحال لاكتشاف ان اقرب الاشخاص لهم هم من مجتمع الميم-عين فربما يكون اخوهم او اختهم او اقرب اصدقائهم مثليون او الاسوء هو ان يكبر هولاء الاطفال ليدركوا انهم انفسهم مثليون ويبدء عندها كره الذات او الخوف من معرفة الاخرين بميلوهم كيف يمكن للمراكز التعليمية في العراق أن تقسم العلم لقسمين، قسم تعلمه للطلاب بفخر وقسم تربطه بالانحلال الاخلاقي؟ توجد في العراق الكثير من المدراس والمعاهد والجامعات وتتوفراقسام وتخصصات جامعية مختلفة كالتربية والهندسة والطب والتمريض وغيرها والتي تخرج الاف من الخريجين كل عام. المناهج في هذه المراكز التعليمية مبينة على أسس وقوانين علمية بحتة جاءت من تجارب وابحاث ودراسات. السؤال هو، كيف لجامعات تؤمن بالعلم ان ترفض حقيقة ان المثلية الجنسية علميًا لا تعتبر مرضا عقليًا أوعلة؟ ما الفرق بين من يجادل ان واحد زائد واحد يساوي ثلاثة وبين من يقول أن المثلية مرض!؟ ربط المثلية بالجينات والبيئة والحالة النفسية ليس مبنيا على إي أساس علمي ونشر المعلومات الخاطئة بين الطلاب لن يزيد المثليات والمثليين منهم الا خوفًا وكرها لأنفسهم. ماذا لو كان احد ابناء، بنات، أقارب المتكلمين أو الحاضرين فردًا من مجتمع الميم-عين؟ المثليات والمثليين في كل مكان، فهم موجودين كافراد ضمن اغلبية العوائل العراقية. نحن غالبًا لا نفكر بالامر من هذه الزاوية لأننا لا نسمع عن أعدادهم وجميعنا نعرف السبب، فمن المستحيل لافراد مجتمع الميم-عين أن يظهروا انفسهم للعلن عندما تكون حياتهم مهددة بالخطر. كيف تتصورون أن بنات وأبناء الحاضرين والمتحدثين سيشعرون لو كانوا من مجتمع الميم-عين؟ كم تتوقعون أنهم يحملون من الخوف والحزن عندما يعلمون أن أمهاتهم وابائهم هم أول الاشخاص الذين ينشرون الكراهية ضدهم ويحثون الاخرين على اذيتهم. ما هي مخاطر اقامة ندوات كهذه؟ العراق يعاني من الكثير من المشاكل التي لا تعد ولاتحصى لهذا فان اقامة ندوات كهذه للتحريض والتشجيع على الكراهية لن يجعل الامور في العراق افضل. يحتاج الاباء والامهات العراقيين انفسهم للتوعية بصورة علمية وصحيحة عن معنى المثلية ويحتاجون لتعلم تقبل الاختلاف وتقبل وجهات النظرالمختلفة لانهم لن يكونوا قادرين على تربية اجيال منفتحة وسعيدة اذا لم يكونوا قادرين على تقبل بناتهم وابنائهم كما هم من دون اجبارهم على التغير. العراق يحتاج لامهات واباء يعطون الحب الغير مشروط لبناتهم وابائهم ويشجعونهم على الافتخار بانفسهم.
0 Comments
|
Archives
October 2024
Categories |