ككاتبة مقالات, قصة احمد كانت ملهمة جدا لكن في نفس الوقت أحسست بألم كبير عند سماعي لها وعند كتابتها حيث تصور وتلخص كمية المعاناة التي يمر بها العابرين في المجتمع العراقي. أحمد هو شاب عراقي عابر يبلغ من العمر ثمان عشرة سنة ولكنه, ورغم صغر سنه, مر بالكثير من التجارب الصعبة والصدمات النفسية. ما يجعلني سعيدة, هو ان احمد ما زال موجودا بيننا وما زال يكافح للخروج سليما من هذه الحرب البشعة التي بدأ أهله والمجتمع العراقي بها ضده بسبب كونه عابرا.
احمد اكتشف ميوله ورغبته بالعبور في سن الثالثة عشرة وبدأ حينها بتغيير ملسبه وشكله الخارجي ولكنه ايضا بدأ يعاني من مشاكل نفسية ولهذا قرر اللجوء لطبيب نفسي. شرح الطبيب النفسي لاحمد ان شعوره بأنه ذكر في جسد انثى لا يعني انه يعاني من خلل أو مرض بل بأنه فقط ولد في جسد لا يشعر فيه بالراحة ولا يعبر عن ما في داخله. الامر المفرح كان استجابة الطبيب الايجابية لكلام أحمد والذي جعل احمد يشرح وضعه بكل صراحة. بعد مقابلة الطبيب, استقبلت الأم ابنها أحمد بشكل سلبي وتهجمت عليه ودفعه ذلك لأخذ كل حبوب الاكتئاب التي كان يستعملها لمحاربة أفكاره الانتحارية والسلبية دفعة واحدة ومحاولة الانتحار. استيقظ احمد في المستشفى وأخبر الأطباء أنه لا يريد إجراء غسيل للمعدة رغم المخاطر والأعراض السلبية التي يمكن ان تظهر عليه لاحقا بسبب عدم تخلص جسمه من تأثير الدواء بشكل كامل. امه لم تتوقف عن مهاجمته رغم وضعه الصحي الحرج وكانت تقول لوالده "شنو بنتك تريد تصير ولد". احمد لطالما كان معنفا من قبل والده وهذا التعنيف والضرب الذي تعرض له من قبل والده بعد محاولته الانتحار لم يكن الاول ولا الاخير. أحمد كان قد وصل لمرحلة صعبة من الاكتئاب حيث ما عاد يشعر بأي مشاعر ولهذا اعتاد على ان يدخن ويطفئ السجائر على يديه. في محاولة لإصلاحه, قام والداه باخذه للسحرة والدجالين وهناك اتهمه السحرة أنه مسكون من الجن وانه عليه ان يلتزم دينيا ويرتدي العباءة. استمر والداه باخذه للأطباء لاختيار دواء لتغيره وإصلاحه وتم حرمانه من هاتفه حيث فقد بذلك اتصاله بكل العالم وقد حرم من الاحتفاظ بدوائه حيث كان يعطى دواء خاصا تم وصفه له و يجبر على أخذه أمام أهله وبعد فترة اكتشف احمد ان الدواء الذي كان يجبر على أخذه هو دواء للانفصام. حياة احمد انتقلت من السيئ الى الاسوء حينما تطلق والداه. كان أحمد يشعر بعدم راحة شديدة في منزل والده لأن والده كان يتحرش به باستمرار ووالدته لم تكن ترغب باستقباله. وحتى بعد الطلاق, كانا والداه مصرين على التخلص من أحمد من خلال إجباره على الزواج. عندما وصل احمد لمرحلة اليأس مرة اخرى, حاول الانتحار من خلال رمي نفسه من شقة والديه في احدى البنايات بعد مشاجرة بينه وبين والديه. بعد سقوطه على الأرض, اصيب احمد بجروح عديدة لكنه استمر بالمشي بعيدا عن والديه الذان حاولا حبسه داخل الشقة. والدة أحمد هي امراة ذات نفوذ وسلطة في المناطق الكردية من العراق ووالده ذو سلطة ونفوذ في المنطقة العربية من العراق ولهذا كان على احمد الحذر من محاولات كلا الطرفين لإيجاده. تواجد أحمد في العراق بصورة عامة كان خطرا شديدا على حياته. بعد كل الخوف والمعاناة, قرر احمد ان لا يعود ابدا لوالديه وقام بالبحث عن عمل هنا وهناك حتى يتحمل تكاليف المعيشة. عمل أحمد في عدة مكانات وكلما شكل العمل خطر على حياته بسبب إدراك أصحاب العمل عن هويته, كان يقرر أن يترك العمل ويذهب لمكان آخر بحثا عن فرصة للرزق. بدأ أحمد بالعمل في مكان جديد ولاحظ تواجد رجل أربعيني في مكان عمله ومجيئه بين فترة وأخرى. كسر الرجل صمته بعد مدة من الزمن وعرض على احمد التبنى كونه كان تحت السن القانونية. شرح الرجل لاحمد انه غير متزوج وليس لديه اطفال ويحب أن يتبنى احمد ويعرفه على عائلته. كانت أول فترة مرحلة جيدة بين الاثنين حيث التقى أحمد بعائلة الرجل وبدا يسكن في منزله. لم تدم هذه المرحلة الجيدة فترة طويلة حيث بدأ الرجل بالتحرش بأحمد حتى انتهى الموضوع بينهما بالشجار والعنف وترك حينها احمد المنزل وهرب. باختصار, حياة احمد كاملة هي عبارة عن قلق ومعاناة وخوف. أحمد لم يقدر ولا مرة ان ينام في فراشه او يمشي في الشارع أو يغير ملابسه براحة تامة. عمله لم يكن ابدا مستقرا وكان يجبر على الانتقال بين عمل وآخر بسبب المضايقات والتحرش واضطر احمد دوما للعمل في المكانات والمناطق الشعبية لأن العمل فيها لا يحتاج اي مستمسكات لأنه لا يملك سوى مستمسكاته القديمة قبل عبوره. الحكومة العراقية لا تمنح العابرين أي مستمسكات على الرغم انه حاول التقديم على مستمسكات جديدة عن طريق محامي لكن الموضوع كان مجرد كذبة. رغم أن أحمد لم يدخل العشرينات من عمره بعد إلا أنه عاش كما هائلا من البؤس والخوف. شخص مثل احمد, بشجاعته وصبره وإيمانه بنفسه, لن يستطيع المجتمع العراقي القضاء عليه.
2 Comments
Mustafa
4/23/2024 11:11:46 am
بالمختصر
Reply
Mohammed
4/30/2024 01:47:21 pm
ولا حتى اني
Reply
Leave a Reply. |
AuthorWrite something about yourself. No need to be fancy, just an overview. Archives
April 2024
Categories |