سواء كنتَ قد كسرت لعبتك المفضلة أو تعرضت للضرب المبرح من قبل الاطفال الاخرين في الحي، كصبي، من المحتمل انكَ سمعت شخص يخبرك بعدم البكاء. ليس لأن الموضوع لم يكن يستحق البكاء ولكن ببساطة لان الاولاد لا يجب ان يبكوا. الاولاد لا يجب ان يبكوا لأنهم لو فعلوا فلن يأخذهم احد على محمل الجد. يتم تذكير الرجال و الاولاد الصغار باستمرار بدفن مشاعرهم و التعامل مع آلامهم العاطفية و الجسدية بمفردهم.
الامور لا تتحسن مع تقدمكَ بالسن، في الواقع انه من المرجح تعرضكَ لضغط اضافي ممن حولك. "اذا كنت تشعر بالرغبة بالبكاء، اختبئ في مكان ما اولاً، لا تبك ابداً امام شريكتك أو عائلتك أو اصدقائك، لأنهم لن يأخذوك على محمل الجد اذا فعلت ذلك." ربما هذا هو حرفياً ما نصحك به شخص ما في مرحلة معينة من حياتك. تمارس الذكورية السامة ضغوطاً عدة على الرجال و هذا ما يدفع بعضهم للتعبير عن غضبهم من خلال ممارسة العنف أو الوقاحة مع اطفالهم أو شركائهم. أظهرت دراسة اجراها داشر كيلتنر، وهو مدير هيئة التدريس بمركز جريتر جود سانيس، أننا نحن البشر قادرون على اختبار ليس فقط ست احاسيس مختلفة بل سبع و عشرين احساس مختلف. وكم برأيك من هذه المشاعر و الاحاسيس يمكن لرجال مجتمعنا التعبير عنها؟ يصعب على الرجال التعبير عن خوفهم، رومانسيتهم، و حزنهم بشكل اكثر مقارنة مع النساء مما يخلق فجوة بين ما يجب ان يكونه الرجال و ما يجب ان تكونه النساء. بصفتك رجلاً من مجتمع الميم، من المحتمل انك تواجه نفس القدر من الضغط حولك وقد يقلل ذلك من ثقتك بنفسك تدريجياً ويجعل من الصعب عليك التعامل مع مشاعرك. تشعر وكأنه يجب عليك ان تأقلم نفسك بناءً على الاشخاص من حولك. لهذا السبب، يختار بعض الرجال الوحدة و الانعزال لان البقاء وحيداً هو الاكثر اماناً و راحة. الذكورية السامة تقوم باستمرار بربط مشاعر كالخزي و الذنب بالرجال االغير قادرين على التحكم بمشاعرهم. بخلاف الاكتئاب و القلق، يمكن ان يكون الانتحار احد الافكار التي تراود ذهون الرجال بعدما يفهمون انه في معظم الحالات سيتم تركهم وحدهم للتعامل مع مخاوفهم و صعوباتهم. يقول يوسف، وهو رجل مثلي من مجتمعنا العراقي، "يعرّف مجتمعنا العراقي الذكورية على انها طريقة تصرف و مظهر الرجل. يتم تعريف الذكورية من خلال الشوارب و العضلات، شعر الجسم، و الغضب و الرغبة بالحماية و الهيمنة. يقول مجتمعنا ان الرجل الحقيقي يجب ان يكون قاسياً وصلباً وان يُظهر ذلك بوضوح من خلال طريقة طريقة حركته و تفكيره." "لو سنحت لي الفرصة شخصياً بتعريف الذكورية لما كان تعريفي الخاص مشابها لتعريف المجتمع. من وجهة نظري الرجولة هي التفكير و التصرف بعقلانية سواء كان يتم التعبير عن ذلك بشكل حازم او ناعم. ان تصرفات الرجل اتجاه مجتمعه بغض النظر عن الشكل الذي تطرح به هي التي تحدد رجولته." ويضيف يوسف ان مجتمعنا يفرض عدة قيود على الرجال كالقول انه من العار ان تذرف الدموع او تظهر ضعفك لاي شخص ببساطة لان ذلك ليس علامة من علامات الرجولة. "لا يمكن للرجل ان يعبر عن مشاعره لزوجته في الاماكن العامة لأن ذلك ليس من شيم الرجال! لا يمكن للرجل ان يسمح لزوجته بارتداء شي مكشوف لأنه في نظر مجتمعنا، الزوجة هي دمية لزوجها و تحكم الزوج فيما ترتديه هو احدى الطرق للتعبير عن رجولته." "اذا اردنا التحدث عن الضرر الذي تسببه الذكورية السامة لرجال الميم على وجه التحديد، فيمكن ان نعبر عن ذلك بكلمة واحدة وهي "الموت". المثلية ممنوعة من قبل الدين و المجتمع وكذلك نرى ان الرجال المتحولون جندرياً او جنسياً لا يُنظر لهم من المنظور العراقي على انهم رجال كاملون بل يعتبرون افراد يفتقرون للذكورية." "بصفتي رجلاً من مجتمع الميم، قمت ببناء شخصية قوية تسمح لي بتجنب او منع الرجال الذين قد يفكرون بمضايقتي او ايذائي بشكل من الاشكال. وهذه هي الطريقة التي تمكنني من الحفاظ على سلامتي عندما اكون في مكان عام.عندما يتعلق الامر بوجودي في المنزل، فأنني اشعر بالترحيب من قبل عائلتي و بالنسبة لي المكان يعتبر منطقة راحة لانني اعلم مدى قسوة العالم الخارجي بالنسبة لي و للاخرين مثلي." "بالنسبة لي، الرجولة تعني ان تكون جديراً بالثقة و يكون الناس قادرين على الاعتماد عليك. ان تكون شخصاً يمنح القوة للاخرين في المصاعب و ان تكون شخصا ذو مشاعر. انا لا اتفق مع الطريقة التي يعرف بها مجتمعنا العراقي الذكورية. بالنسبة لهم، تترجم الذكورية الى العدوانية و الهيمنة و المظهر الفوضوي و القذر" يقول جيك. جيك، وهو فرد من مجتمع الميم، يروي قصته الشخصية مع الذكورية السامة. و يقول ان عائلته كانت تضغط عليه بأستمرار ليقضي معظم وقته خارج المنزل و على الرغم انه يعيش بمفرده حالياً الا انه غير قادر على التخلص من هذه العادة. هو غالبا يقضي معظم وقته اما في العمل خارج المنزل او بالتسكع مع اصدقائه. "للاسف، يتعين على رجال الميم التعامل مع معايير مجتمعنا التي تجبرهم على العيش و التصرف بطرق تتعارض مع طبيعتهم و ما يريدون ان يكونوا و تولد هذه المعايير رهاب المثلية او التميز ضد بعض الاولاد الذين قد يكونوا حتى من خارج مجتمع الميم ولكن يتعرضون للتنمر و المضايقات ظنا انهم افراد من المجتمع." "شخصيا، انا لم اتمكن قط من التعبير عن مشاعري بحرية سواء كنت محاطاً بعائلتي او اصدقائي او حتى الغرباء. عندما كنت صغيراً، تعرضت للضرب بأكثر الطرق المرعبة التي يمكنكم تخيلها. فقد كان ابي يضربني كلما رآني ابكي حتى لو كنت نائماً و قد خلقت هذه التجربة البشعة شعوراً سلبياً بداخلي والان انا غير قادر على البكاء او التعبير عن مشاعري الا وانا بمفردي." "كشخص بالغ، هذه القيود تمنعني من القيام بالعديد من الاشياء، عل سبيل المثال، لا يمكنني استخدام نبرة صوتي الحقيقية او تناول الطعام او المشي او استخدام ايماءات يدي بالطريقة التي اريد. لا يمكنني التعليق على معظم المواضيع بحرية، واذا ما فعلت فيجب علي ان اراقب تعابيري بحذر." يعتقد جيك ان وسائل التواصل الاجتماعي و التلفاز طريقتان يمكن من خلالهما احداث تأثير كبير على المجتمع لذا يجب استخدامهما لتغيير تعريف الذكورية في اذهان الناس.و يقول، "اذا تغير معنى الذكورية من كونه تعبير عن العدوانية الى تعبير عن الاعتدال و الليونة فسوف تحدث العديد من الاشياء الجيدة." "بالاضافة الى استعمالنا لوسائل التواصل و التلفاز، يمكننا ان نستعين برجال من مراجع دينية يمثلون الذكورية الغير السامة مثل يسوع و يوسف بن يعقوب." كقارئ، كيف تعتقد ان تعريف الذكورية يمكن ان يتغير في مجتمعنا؟ ماذا تطلب من المنظمات الغير حكومية و الحكومة التركيز على القيام به من اجل التقدم للامام بضع خطوات لتكوين مجتمع متفهم و مراعي؟ و اخيراً، ما هي المساعدة التي يمكنك كعراقي أو عراقية ان تقدمها للافراد الذين تؤذيهم الذكورية السامة؟ رند عراق کویر
1 Comment
|
AuthorWrite something about yourself. No need to be fancy, just an overview. Archives
April 2024
Categories |